-->

التفكير الستراتيجي وانعكاساته المستقبلية على اداء الحكومات العراقية

التفكير الاستراتيجي وانعكاساته المستقبلية على اداء الحكومات العراقية

المهندس هادي صبير
12/6/2020

    إن اي عملية تفكير اسراتيجي لها مخرجات رصينه اذا ما طبقت وفق الاطر الاكاديمية وتسمى               " استراتيجيات " حتى وأن لم تؤخذ مداها التنفيذي ضمن البرامج الحكومية . ولكي نبدء في بيان تأثير مبدأ التفكير الاستراتيجي على الاداء الحكومي لابد من شرح المفهوم بشكل مبسط والذي هو                     " مهارة يحتاجها القادة في جميع مستويات اي حكومة  " ولكي يحيط القارئ بهذا المفهوم اكثر انصح بالقراءه عنه بشكل مفصل ، وبالصدد نفسه لابد لنا ان نعرج على مفاهيم او مصطلحات اخرى  وهي ما الذي نعنيه عندما نستخدم مصطلحات " استراتيجية " أو " استراتيجية وطنية " أو " كبرى " و " التفكير الاستراتيجي " ...؟ اذ لا يمكن التعبير عن الاستراتيجية الوطنية في خطة حتمية بأنها " استراتيجية " وهذا نهج لن يكون مجديا في عالم معقد وغير مؤكد مع التغييرات المتسارعة والغير متوقعة، وبدلا من ذلك يجب أن تكون الاستراتيجية الوطنية مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تخضع للتطوير المستمر في سياق عام يتغير مع المعطيات على الاصعدة والازمنه كافة ، و كيف ينبغي التقدم بها ويجب أن تعالج الاستراتيجية الوطنية أيضاً أكثر من مجرد الشواغل المتعلقة بالسياسة الخارجية والشؤون العسكرية والأمنية ، وأن تشمل العوامل الاقتصادية ايضاً نظرا للوعي المتزايد مؤخرا بالأهمية الحاسمة لقاعدة اقتصادية قوية ورصينه.
    ونظراً لتوفر تاريخ من تجارب الدول العظمى في استخدام التفكير الاستراتيجي من قبل قادتها عند الدخول في قضايا مصيرية تخص الدولة بشكل عام ومستقبلها من النواحي السياسية والاقتصادية والامنية وحتى الاجتماعية منها، يجب ان نورد على سبيل المثال اذ (( ذكر تقرير صدر  في 24 نيسان 2012 وبتكليف من مجلس العموم في المملكة المتحدة بعنوان " من يفعل الإستراتيجية الوطنية للمملكة المتحدة " أن التفكير الاستراتيجي هو مهارة قيمة في الخدمة المدنية. إنه أحد المتطلبات الأساسية الستة في إطار الكفاءات في الخدمة المدنية العليا. وانه ضروري لتأمين مستقبل طويل الأجل للدول ومع ذلك ، على الرغم من الأهمية المعلنة لكل من الاستراتيجية والتفكير الاستراتيجي ، أشار غالبية الرؤساء التنفيذيين إلى قلة التفكير الاستراتيجي مشكلة رئيسة في منظماتهم . وقد أعلن رئيس أركان الدفاع البريطاني ، السير جوك ستيروب ، أن المملكة المتحدة " فقدت القدرة المؤسسية وثقافة الفكر الاستراتيجي" )) بحسب التقرير.
    من التقرير نتبين انه حتى الدول العظمى والتي لها تجاربها الخاصة في مجال استخدام مبدأ التفكير الاستراتيجي تقر بالية المراجعه نظراً لاهمية هذه المهارة لدى القادة في تحديد مصير الدولة واليأت تنفيذ برامجها وتشخيص الاخطاء والنقص في استخدام التفكير الاستراتيجي في مفاصلها كافة.
    إن المتابعين والمختصين في هذا المجال يقرون بوجود مجموعة من الصعوبات تواجهها الحكومات لتبني مبدأ التفكير الاستراتيجي لوضع برامجها الحكومية واطرها الاستراتيجية ، واهم هذه الصعوبات هي التقاطعات السياسية بين الاطراف المشاركة في تشكيل هذه الحكومات كعامل اساسي في اندثار هذه المهارة حتى وان كانت متوفرة لدى اغلب القادة ، ويجب أن نعترف ايضاً بأنه لا يوجد رأي واحد وشامل للمصالح أو القيم والاهداف الوطنية للعراق ، ومن جهة اخرى ان عمر الحكومات والبالغ اربع سنوات وطبيعة النظام السياسي يجعلها تتوجه لخطط  واهداف انية في اغلبها وقد تكون لسنة او سنتين في بعض الاحيان ، ونحن بذلك لانربط التفكير بعامل الزمن التنفيذي للحكومات ولكن بواقع الحال ان التفكير الاستراتيجي يتطلب اهدافا في طبيعتها مرتبطة بمدى زمني طويل لإرتباطه بالاستراتيجيات الحكومية الرصينه والمبنية وفق اساسيات اكاديمية.
    لكي يتم النفاذ من هذه الصعوبات يمكن ان تقسم اي حكومة مستويات تفكيرها الى مستويين ، مستوى اني وقريب ، ومستوى بعيد المدى يتسم بصفة التفكير الاستراتيجي من خلال تبني مشروع قرار مدعوم بتصويت من البرلمان العراقي يلزم الحكومات المتتالية بأكمال الاستراتيجيات الرصينة ذات الفترات الطويلة والمبنية وفق اسس اكاديمية وتراعي المصالح الوطنية التي تتناولها سواء كانت                           ( امنية ، اقتصادية ، اجتماعية ) والتي تفوق فترات تنفيذها عمر الحكومة الحالية  لضمان عدم تشتت الموارد الوطنية . والشروع في استخدام " التفكير الاستراتيجي " من خلال تشكيل نواة من الخبراء الاستراتيجين والمختصين في هذا المجال ونقل الخبرات والتجارب من الدول المتقدمة.

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: