-->

مروج العبيديتمخضت قطيسفون ..فأنجبت بغداد ..

مروج العبيدي
تمخضت قطيسفون ..فأنجبت بغداد ..

الجميلة التي ازدانت بروعة معالمها و جدائلها المضفورة بخيوط الشمس الذهبية .. ارتوت من عذب دجلة ماء.. وخضبت كفيها حناء الدماء.. 
عانت واحتملت من الاوجاع والآلام ما توجها لتكون ملكة وام الملوك والحضارت...بعد عسر المخاضات .. فمن رحم الجميلة ( طيسفون او قطيسفون ) ، المتمخض،  ولدت بغداد.

فبعد رحلة طويلة للأسكندر المقدوني والتي جال بها بقاع الارض حتى وجد ضالته على بقعة معينة و برغبة جامحة منه قرر ان يختارها موطنا ومستقرا له دونا عن كل المسافات والمساحات التي مربها و قطعها .. فسّورها وبناها لتكون قيسطفون او( المدائن) موطناً ومقاماً له و لمن خَلفَه من ملوك بني ساسان حتى وفاته.

أما عن تسميتها بالمدائن فلأنها ضمت تحت ذراعيها سبع مدن او مدائن صغيرة بين كل مدينة واخرى مسافة قريبة او بعيدة بعض الشيء ما زالت آثارها واسمائها خالدة حتى يومنا هذا ولكن القلة ممكن يعرف بأماكنها واسمائها...وهي :
(اسفابور ووه / وه أردشير / عرب هنبو شافور/ عرب درزيندان / عرب وه جنديو خسره/ نونيافاذ/ و أخيرا كردافاذ ) ، وبعد ان تملك العرب ديار الفرس توحدت هذا المدن ليكون اسمها المدائن.

وما لم يذكر عن الاسم الآخر لها وهو ( الجمع) ولأنها كانت مسكنا للملوك من  الأكاسرة الساسانية وغيرهم ، فقد كان كلّ واحد منهم إذا حكم ،،  بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها.. فتوحدت اسماء هذه المدن المذكورة سابقا ليكون اسمها (الجمع)... ولكن بعد الفتح الأسلامي سماها العرب  بالمدائن نسبة الى المدن السبع التي جمعت ارضها.

وسميت قطيسفون  ايضا ب ( سلمان باك) نسبة الى الصحابي الجليل سلمان الفارسي او المحمدي الذي كان واليا على العراق بعد الفتح الأسلامي فدفن فيها لتسمى ايضا ب( سلمان باك ) وكلمة باك معناها (الطاهر ) بالفارسي ليكون معنى الاسم سلمان الطاهر...وبقي هذا الاسم خالدا حتى يومنا هذا.

بعد صراعات وحروب ودماء .. وبعد زوال ملك بني اميه.. اختط المنصور  حدوده  بدءاً منها فبنى حدودها لينتقل اليها الناس من كل مكان وصوب.. لتكون المدائن أم بلاد العراق بوليدتها بغداد التي ولدت من رحمها الذي عسر بظروفها واحداثها .

تقع المدائن على الضفة الشرقية لنهر دجلة، وتعد من المدن القريبة من بغداد ؛ حيث تبعد عنها 35 كم .. ولجمال بساتينها ونخيلها وقربها من نهر دجلة  فقد كانت شرياناً ينبض الحياة الاقتصادية سواء من ناحية الانتاج الزراعي وخاصة انتاج التمور والحمضيات ...او الانتاج الحيواني.

ولا ننسى اهميتها من ناحية الموقع السياحي الذي استقطب الزوار من كل مكان وخاصة في فصل الربيع ..فنجد ان المدائن باتت مركزاً حضارياً مهماً جمع بين السياحة التأريخية والسياحة الدينية لوجود العديد من المعالم والآثار والمزارات الدينية كونها ضمت تحت ترابها ضريح سلمان الفارسي أو سلمان باك ، بالإضافة إلى ضريح حذيفة بن اليمان، وضريح عبد الله بن جابر الأنصاري رضوان الله عليهم أجمعين.

وأيضا من بين العجائب الآثارية والمعمارية التي احتضنتها المدائن ذلك القوس الذي انتصب دون دعامات او شيء يسنده طوال تلك الحقبة الزمنية المنصرمة ويعتبر طاق كسرى هو الجزء المتبقي من ايوان كسرى او ما كان يسمى بالقصر الأبيض  والذي كان مقرًا للملك ووزرائه في عهد الإمبراطورية الساسانية.

ومن على ارتفاع تلة صغيرة ارتفاعها 12 متراً سميت ب ( قصر بنت القاضي او القاضية ) سنرى آثار بقايا انقاض لأقدم كنيسة في بلاد النهرين بناها القس مار ماري ليبشر فيها بالمسيحية وهي كنيسة ( كرسي كوخي)  والتي تم اكتشافها عام 2000  من قبل بعثات اجنبية ليشهد هذا الحدث احتفالا وصلواتا لأكتشافها .

وبعد هذا السرد لأجمل ما توسمت به قطيسفون او المدائن ام العراق و أم بغداد  .. لا يسعنا الا ان نهيب بكل من يهمه الأمر و نخص بالذكر وزارة الثقافة والآثار والسياحة والسلطة المحلية في المدائن  لأيلاء هذه المعالم اهمية تليق بقدسيتها .. وتحويطها كمعالم تأريخية و دينية خالدة  وتعريف الزائرين لها بقطع تحمل الهوية التعريفيه لكل معلم واثر ..فمن المخجل ان تندثر هذه الحضارة تحت انقاض القمامة والخراب رغم شموخها الذي تصدى اصعب الظروف  وكلنا امل بأن يكون هذا الصرح الحضاري  وجهة سياحية تعود على البلاد بالنفع المادي  و المعنوي دعماً للأقتصاد الوطني المنشود.

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: